إن ما يُسمى باللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة هو كناية عن مجموعة من المؤسسات والتجمعات الشعبية التي تعمل بالتعاون مع بعضها بعضا لإيصال وجهة نظر إسرائيل إلى أصحاب القرار، خصوصا في مجلسي النواب والشيوخ أي الكونغرس وفي البيت الأبيض، وإقناعهم بتبنيها. ويتكون هذا اللوبي من فروع أساسية ثلاثة:
أولا: مؤسسة «إيباك»، أي اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة، وبعض المؤسسات اليهودية الأخرى، كالمنظمة الصهيونية الأميركية (American Zionist Organization) ومؤسسة التحالف ضد العنصرية (Anti-defamation League) وتشكل «إيباك» رأس الحربة له لهذا اللوبي إذ أنها أكبر متبرع للمرشحين لانتخابات الكونغرس والبيت الأبيض للحزبين الديمقراطي والجمهوري والمؤسسة التي تستطيع أن تجمع العدد الأكبر من أصوات اليهود لمصلحة المرشحين الذين تؤيدهم. والمعيار الأول لهذه المساعدات هو الوعد بمساندة القضايا الإسرائيلية. وكثيرا ما يُطلب من المرشح إلى الكونغرس، قبل إعطائه الدعم المالي والانتخابي، أن يتعهد خطيا بالتصويت في شكل معين على بعض الأمور التي تهم إسرائيل والتي قد تُطرح أمام الكونغرس.
ثانيا: شبكة واسعة من مؤسسات الأبحاث، مثل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى Washington Institute for Near East Policy ومعهد المبادرة الأميركية American Enterprise Institute والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي Jewish Institute for National Security Affairs ومؤسسات كثيرة غيرها. وتقوم هذه المعاهد والمؤسسات بدراسات لمساندة المواقف الإسرائيلية تغذي بها اللوبي العامل على الأرض، أي «إيباك» وأخواتها، وتصدرها في منشوراتها الخاصة والصحف والمجلات، خصوصا تلك التي تساند إسرائيل، والتي قد يجوز إدخالها في إطار مفهوم اللوبي الإسرائيلي.
ثالثا: التجمعات التي تدخل في إطار ما يسمى اليمين المسيحي Christian Right الذي يساند القضايا الإسرائيلية المتطرفة كحق إسرائيل بالضفة والقطاع، في بعض الأحيان أكثر من حزب الليكود الإسرائيلي. فعندما أصيب شارون بالجلطة وفقد وعيه مثلا قال القس بات روبرتسون، أحد أكبر القياديين في تيار اليمين المسيحي، إن «ما حل بشارون قد يكون عقابا من الله، لأنه انسحب من أراض تعود إلى إسرائيل التوراة».
أما سبب هذه المساندة العمياء لإسرائيل وأهدافها التوسعية فيعود إلى التفسيرات الدينية التي يتبعونها، إذ يعتبرون إن عودة السيد المسيح إلى الأرض لن تحصل إلا بعد اكتمال إسرائيل كدولة على كل أراضي فلسطين، فتدخل عندها في حرب ضروس، تحصل معركتها الرئيسة في «أرماجدون»، ويموت فيها من الشعب اليهودي مَن يموت، ومَن يبقى حيا يعتنق المسيحية، فيعود السيد المسيح إلى الأرض ويعم فيها السلام.
ولذا يعمل المسيحيون الصهاينة اليوم جاهدين لكي تسيطر اسرائيل على أرض فلسطين كاملة، وبأسرع وقت ممكن، تحضيرا لمعركة «أرماجدون» المنتظرة. ويدعو جون هايجي، مؤسس منظمة «مسيحيون في سبيل إسرائيل» إلى الحرب على إيران لأن هذه الحرب ستكون «أكبر حرب عرفها الكون» حسب قوله، أي أنها ستكون «أرماجدون» المنتظرة التي سيعود بعدها السيد المسيح إلى الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق